الجمعة، 14 أغسطس 2015

بين القلب والعقل, مالذي يتحكم فينا؟!

بين القلب والعقل, من يتحكم فينا؟!



قد تستغرب وتقول ان العقل هو المتحكم بالانسان وانه هو المسؤول عن اي شيء فيه مثل العمليات الحيوية والحركة والتفكير وإلخ, ولكني دعني اسألك سؤالاً, من أين تأتي هذه الاوامر, ماسببها وماهيتها, وهل تبدأ بالعقل فعلاً؟! هذه الاسئلة سنجيب عليها في هذه المقالة, فتابع.

القلب
هذا الشيء الذي بداخلنا الذي يبقينا على الحياة, القلب لا يشبه أي عضو أخر في الجسم, له لغته الخاصة وشعره الغني الذي يميزه, عبر التاريخ لطالما لعب القلب دوراً هاما بديانتنا ومشاعرنا وفلسفتنا, فهو يمثل جوهر عواطفنا وكياننا.
"عندما تريد إصطياد الحب فإجعل الطعم قلبك وليس عقلك" - مارك توين.
ولكن بالنسبة للطب الحديث القلب هو مجرد مضخة لضخ الدم في الجسم, وليس اكثر من ذلك!.



 دكتور متخصص في القلب يقول "القلب مجرد مجموعة من العضلات مع بضعة اعصاب تحركه, ويملك بعض المستقبلات الكيميائية تحفزه, في حين ان كلنا نريد ان نصدق انه عبارة عن بنية غريبة عجيبة ونريد أن نصدق ذلك!"

ولكن اذا سألت نفسي, أي جزء أشعر به في الحب لعائلتي, فإنني سأجيب في قلبي!
أحب أبنائي من صميم قلبي!
وعندما التقيت زوجتي للمرّة الاولى تسارعت دقات قلبي!

معظم التاريخ البشري يبيّن ان ما يجعلنا كائنات رائعةً هو قلبنا وليس عقلنا.

"القلب المحب هو البداية لكل معرفة" - طوماس كارلايل.



في زمن الفراعنة, كان للقلب الأهمية الكبرى في الجسم البشرية, فقد كان يرمز للعواطف, العقل والشخصية, وكانوا يعتبرون القلب أساس كيان الإنسان, فمثلاً اذا كان الشخص شجعاً فقد كان يوصف بأنه ذو قلب طماع, وإن كان صبورا فإنه يوصف بأنه ذو قلب يتحمل الكثير, كانوا يؤمنون ان الانسان لا يعبر الى الحياة الأبدية إلّا اذا توازن قلبه مع ريشة الحقيقة, وإن لم يقع التوازن, تأكله الأرواح الشريرة ويتحول إلى عدم.

من القصص العجيبة عن عمليات نقل القلب, ان إمرأة عجوز اجرت عملية نقل للقلب من شاب في العشرينيات من العمر توفي اثر حادث ما وكان قلبه سليما, وجرت العملية بنجاح تام, ولكن الغريب في الأمر ان المرأة تحولت تدريجيا لشخصية ذلك الشاب, فقد كانت تكره العنف والكرة الامريكية والخمور وركوب الدراجات النارية وإلخ, ولكنها بعد العملية اصبحت تعشق هذه الامور وتملك ذكريات عن حياة ذلك الشاب وكأنها هو!.

"على الوجه الكذوب, أن يخفي مايعلمه القلب الكذوب" - ويليام شكسبير.
الفيلسوف اليوناني القديم أرسطو هو أول من لاحظ المشهد الرائع للقلب النابض, ووفقاً لعالم الأحياء النمائي توماس براند يقول:"ما ادهش ارسطو مازال عضواً ساحراً ليومنا هاذا", وأكمل أن أول الاعضاء التي تتشكل هي القلب ولا يمكن ان يتم نمو الجنين بدون قلب نابض سليم.

"هناك طريق بين العين والقلب لا يمر بالعقل" - جيلبرت تشيسترتون.

والأن بدء العلم الحديث بفهم القلب بطريقة أكثر دقةً وتعقيداً, فهو يعيد التفكير بالعلاقة بين القلب والعقل, بين العاطفة والمنطق!.



البروفيسور ديفيد باترسون من جامعة اكسفورد يقول:"يوجد عصبين آتيين من الدماغ, تأمران القلب بالإسراع أو الابطاء في الدقات, ولكن لدينا 10000 خلية عصبية متخصصة, وهي متواجدة خلف الاذنين الأيمن, ويطرح السؤال التالي نفسه, ماهو دورها , ماوظيفتها ولماذا وضعت هنا؟".
وأكمل قائلا:"هذه أمور لا تدرس في الكتب المدرسية,ويجب علينا اعادة كتابتها في الكتب".

من المذهل في الأمر, أن الخلايا الموجودة في الدماغ والتي تعطينا القدرة على التفكير, هي أيضا موجودة داخل القلب, ويوجد الكثير منها وأصبحت تدعى, عقل القلب الصغير!
ومازلنا لا نعرف الكثير عنها, ولكن الشيء المؤكد أن العقل لا يتحكم بالقلب, بل يعمل معه جزئياً, يختلف قليلاً عن ما درسناه في المدارس والجامعات.

أخيراً اصبح العلم اليوم يعيد للقلب مكانته العميقة فينا وفي كياننا وفي اساس عواطفنا وشعورنا, فأصبح للكلمات مثل انكسر قلبي و إنفطر قلبي, كلمات حقيقية, وليست مجرد أشعاراً.

"للقلب أسباباً لايدرك المنطق منها شيئاً" - بلير باسكال.



للقلب أمر اخير غريب آخر, وهو أنه يشعر بالأخرين, فعندما يتألم شخص ما امامك, أو أن شخصا تحبه من قلبك يكون قريباً منك, فستشعر بذلك بداخل قلبك وكأنه أنت.

وفي النهاية لا يوجد حل نهائي للمعركة الفاصلة في العقل والقلب.









0 التعليقات:

إرسال تعليق